السلط : مدينة الحلم والنور (2)




السلط  : مدينة الحلم والنور 
ديرعلا  مع الاعتذار 
 بقلم :  محمد صوالحة 


سلطي أنا وحاكورتي
فيها الشجرْ هالطولْ
ومسيّجهْ لوزْ وعنبْ
والفستقهْ هالطولْ
فيها طواحينْ وعصافيرْ
وحكايا مطرّزهْ
لو تنحكى بتطولْ
فيها انزرعْ جدي
وأبو جدّي وِرِثها عن أبوهْ
اللّي انولدْ فيها
والّلي بنى فيها
بيرْ ومراجيحْ وحرثها سنينْ
عرضْ وطولْ
يا بوي محلا شجرةالعلّيقْ
والصبّارْ والزعرورْ
يا بوي محلا شجرة البلّوطْ
فيها يكنكن العصفورْ
ولاّ العريشهْ المستريحهْ
هناك حد السورْ
والدوشق الممدودْ والتنّورْ
وبجالها بيدر زبيبْ
مصبّرْ ومنثورْ
ودلالْ قهوهْ مصهَّيهْ
وفنجانْ دايرْ دورْ
نيّال هالعصفورْ
راح ورجعْ ع العينْ
قبل العين ما تغسلْ
جدايلها
قبل الشمس ما تفيقْ
ويشقشق عليها النورْ
نيّال هالعصفور
معفي من هموم السفرْ
معفي من هموم الطفرْ
معفي من أقساط المدارسْ
وانتخابات المجالسْ
والطوابعْ والصورْ
سلطي أنا
وداري لأهل الخير مفتوحهْ
وأرضي لبنة خيرْ
مفلوحهْ
وجبال خضرا وعاليهْ عالخدْ
مشلوحهْ
ما تنحني هاماتها
ما تنثني راياتها
لو طيّروا بحاراتها
مليون شرتوحهْ
سلطي أنا
ولْ ما يحب السلطْ
لا يسكنْ مرابعها
ولْ ما يحبْ السلط ْ
لا يرتعْ مراتعها
تاري براري السلط
لوتكبر مواجعها
تقطع “نسيت” الجن
لو قضّت مضاجعها
تقدح شرار وعلقم ومرّارْ
لو جازتْ مواضعها
سلطي أنا
وأهل الكركْ ومعانْ
يوم يلعلع البارودْ
يحموني
وميّة جبل عجلون والكفرينْ
يسقوني
وزينة شباب الحي بالرمثا
وشباب الغور لو ناديتْ
سمعوني
يا حمودْ لن هب الهوا
وثارالعجاج وفطّتْ
جفوني
إقرأ على الموت السلام
وصيح لاقوني
سلطي أنا
ولْ ما يحب السلط
ما يعرف حلاة الحبْ
ما يعشق أبدْ
ضيّع شبابه لازرع أرضهْ
ولا أرضه حصدْ
مجنون من عرف الهوى
بعيون سلطيّهْ
ولا عقله شردْ

 
(بلدة الصوالحة )
تلوح لك الأغوار  بذراعها إن اقترب لترتوي من بحر البطولة ، وترتشف من معين الكرامة ، وترى بأم عينك ذلك التلاحم الاسطوري بين الشقيقين ابن الضفة الشرقية والغربية .
        تناديك الاغوار لترى بام عينك الارض التي ابى ان يفارقها صحابة رسول الله من امين الامة إلى ضرار بن الازور  ،  ورفضوا إلى ان يكون نشورهم منها إلى باري السموات والارض ، تأخذك الاغوار إلى ذلك الزمن البهي بكل ما فيه لتعلمك ان هذه الأرض وان تعثر فارسها ، وكبى حصانه  لابد له من ان ينهض ويسترد ما ضاع منه ، لا يقبل منزلا له غير جبين الشمس.
تاخذك ارض الاغوار المزدانه بخضرتها وبسمرة ابنائها إلى حيث هناك ،إلى دير علا … حيث تلها ما زال شاهد ا على ازمنة ارتحلت وابقت شواهدها … دير علا بتلها العتيق والذي ما زال عطر الانبياء يفوح منه … ينادي المعنيين بالكشف عن الاثار … ليزيلوا الغبار عن تاريخ هذه المنطقة التي شكلت قبل ان يكون الانسان .
دير علا سلة غذاء الاردن والتي تمتد من ضريح امين الامة وحتى جسر الامير محمد … يفوح اريجها عبر حرارة صيفها ودفء شتائها … ويسمع انيين قلبها الصادق والمحب … من وجع قرن صرطبة … من الم الاهل هناك غربي النهر والذين مذ كانوا وهم تحت طائلة الابتلاء .
كيف لا يجري القلم للتغزل بدير علا … التي كانت اللثغة الأولى لجسدي منها تنطلق … كانت زقزقة العصافير اول موسيقى يسمعها هذا الجسد ، وكانت فراشات الارض وخضرتها اول لوحة تطل عليها العين … فتعرف معنى الجمال وتقدره .
ديرعلا التي استقبلت هذا الجسد الغض …عندما ابت الجوزاء الا ان يكون من ابنائها … فلا يليق بابناء هذا اللواء الطيب الا الجوزاء بعليائها .
هنا وفقط هنا وانت تجوب الدروب التي اكتنزت بالخضرة   وعندما تطلق للروح العنان تتعلم كيف ترسم فوق ملامح الجسد المتعب الابتسامة الصادقة النقية … وانت تجوب الارض وتتأمل الوانها المتناثرة بإبداع تتسأل ترى لم يتكيء الاشمخان على كتفيها … وتسمع رنين ضحكتهما وهي تجيبك لنتمع النظر بما حبى الله هذه الارض من جمال . 
 هنا وفقط هنا تعلمك الارض كيف تتخذ المواقف … متى تكون لينا طيبا معطاء ومتى ينادي للشدة مناديها .
 هنا … وهنا فقط كل الاشياء تسبح باسم من اعطى ومنح ..
  
دير علا … بارضها المنبسطة كراحة اليد … بخضرتها الزاهية … بزراعتها المحمية يدهشك المنظر وانت تتأمل المركبات وهي تتلوى في دروبها لتنقل خير الأرض إلى الدنيا .
فلهذا الطين انشد شاعر الاردن :
والغور ما انفكت غدائر نبته     زهوره تحنو على غدرانه
وقال
و ( الغور ) مدهامة جناته وانا    في معشر من بني قومي ميامين
من ديرعلا بقراها التي ما زالت تحتفظ بعادات اهلها حيث لا اذن للزيارة …كما تحتفظ بخضرتها الدائمة  وارثها… تحتفظ بدفء مشاعرها وحرارة الحب الساكن قلبها …  هنا اقف لستذكر حديث ابي … وكلمات أمي التي طالما اختلطت بالدموع وهي تتحدث عن تلك الفترة التي اعقبت معركة الكرامة الخالدة ، حيث كانت تشتعل حرب الاستنزاف على طول الواجهة ، استذكر حديثهم عن الغارات الغاشمة التي راح ضحيتها الكثير من الاطفال والنساء و الأبرياء ، الغارات التي كان يشنها العدو كما يدعي   كانت تستهدف رجال المقاومة… وويل لذلك الغاشم اما درى ان كل شيء هنا هو مقاوم من التراب للطير والشجر وحتى الانسان المجبول من هذا الطين … اسأل امي لم البكاء وانتم تتحدثون عن الشهداء … وهم في جنات الخلد رفاقهم فيها الانبياء واولياء الله ، تقول يا بني لو كتبت لهم الحياة لربما استطاعوا ان يغيروا من الواقع ، اسأل ابي بخبث ، يا ابي لم تسمونه عدوا وقد وقعت الاتفاقيات … واصبح جارا اردنا ذلك ام ابينا … اصبح صديقا … يستثمر الارض والانسان هنا ،  يا بني … هل يعقل ان امد يدي لاصافح من قتل ولم يرحم ، هل يمكنني ان احادث من جلد وحرق وشرد .
يا بني السلام المزعوم سلام حكومات … وليس سلام شعوب ، وما لم يقرره الشعب ابدا لا يدوم …. أرد عليه بسؤال وماذا انتم فاعلون ؟ ، الامر يترك للايام لتسطر ما يكون .
هنا تترك الروح تنصب  حبال العشق بين جبال البلقاء .. وجبال نابلس  للتأرجح الحب حاديها …   عشق السنا الإلهي هنا يناغيها … والقلب ينشد سبحان من أبدع هذا التراب .

0 التعليقات

علق على الموضوع